عفواً عزيزي الموظف، لم أقصد تدمير حياتك



يُعتقد على نطاق واسع و شائع في أوساط الموظفين بشكل عام و في الشرق الأوسط بشكل خاص أن كائن الموارد البشرية (HR) هو المسؤول الأول و الأخير عن إتعاس البشرية. حيث يدعي الباحثون أن هذا المخلوق الشرير يقضي ليله و نهاره منهمكاً في نسج أنواع مختلفة من الجراثيم الخبيثة التي تستهدف الموظفين الأبرياء و تعرض أمنهم المادي للخطر. و من أنواع الجراثيم التي ينتجها هذا المخلوق جرثومة “سياسات و إجراءات الموارد البشرية” ، جرثومة “التقييم السنوي“، جرثومة “نظام الحضور و الانصراف” ، إلا أن أخطر هذه الجراثيم و أشدها فتكاً على الإطلاق جرثومتي : “مفيش زيادة السنة دي”  و جرثومة “المعلم مبسوط منك و بيقولك مجيش هنا تاني“، و الأخيرة تعتبر من الأنواع المميتة.
لذا فإنه من الشائع في أوساط موظفي الأقسام المختلفة أن الوظيفة الحقيقية لقسم الموارد البشرية هي إزهاق أرواح الموظفين بشكل ما.
كل ما سبق هو في الحقيقة شكل من أشكال الظلم الفادح الذي يقع على عاتق كتيبة الجنود المجهولين و الذين يغبن دورهم دائماً خلف نجاح كل مؤسسة ناجحة، و يشار إليهم دائماً بأول أصابع الإتهام حينما تنهار أي مؤسسة (فاشلة).
يحدث هذا النوع من الاتهامات عادة في المؤسسات التي لا يستطيع فريق الموارد البشرية الوقوف على مسافة متساوية بين مصالح المؤسسة و مصالح الموظفين، و هذا ما يتم عادة في المؤسسات التي لا تعطي أهمية كبيرة لدور الموارد البشرية، و عادة ما تختفي في هذا النوع من المؤسسات مفاهيم مثل الإحتفاظ بالموظفين Retention، التطور الوظيفي Career Development، التحفيز Motivation، خطط التعاقب Succession Plans، تقييم الأداء Performance Appraisal ، و يكون ذلك عادة إما بسبب عدم الوعي الكافي بأهمية الموارد البشرية أو تحت تأثير الوضع المالي للشركة.
في هذا النوع من المؤسسات يكون دور الموارد البشرية هامشياً، بينما ترتفع أسهم أقسام أخرى كالمالية و الأقسام المحركة لنشاط الشركة Core Units كالمبيعات مثلاً، فيبقى كائن الموارد البشرية محصوراً في خانة “عشماوي” منفذ الأحكام الذي يتحمل مسؤولية ما يقرره القضاة، يتلقى شؤم اللعنات و ينام مرتاح الضمير.
إذاً .. عزيزي الموظف الذي ليس بـ HR : لا تنقم على زميلك الـ HR المسكين ، لأنه مثلك تماماً في نفس الخندق، غاية ما هنالك فقط أنه يمسك مقبض السوط في يده، أما ظهره فمكويٌ به مثلك تماماً .. 
يعني انضرب و انت ساكت.
(يتبع بعدين)